للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلك القرآن الكريم في إثبَات البعث

د. علي بن محمد بن جبر الفقيهي

تمهيد:

خلق الله العباد لطاعته، وكلفهم بعبادته، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (سورة الذاريات آية ٥٦) ، وقد رسم لهم سبيل الخير، كما بين لهم طرق الشر، ولما كانت الطبيعة البشرية فيها الاستعداد لقبول الخير والشر، كما قال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (سورة الشمس آية ٧- ٨) فقد يطغى جانب الشر أحيانا على جانب الخير، استجابة لداعي الشهوة الموجودة في الطبيعة البشرية، فهي غالبا ما تجنح بصاحبها إلى تعدي الحدود التي يتحتم على المرء ألا يتجاوزها، فيوقع الظلم على الآخرين.

وواقع الحال يبين لنا أن كثيرا ممن ارتكبوا تلك الجرائم في حق غيرهم، وأوقعوا الظلم بالآخرين قد غادروا هذه الحياة الدنيا، ولم ينل المظلوم حقه منهم، مع العلم بأن كل ذلك واقع بعلم الله القوي القادر السميع البصير، الذي يمهل ولا يهمل، والذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما.