لما كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة الصالحة والأسوة الحسنة لطبقات الناس جميعا، وللأجيال البشرية على اختلاف الزمان والمكان اتجهت عناية الله إلى حفظ أخباره وآثاره وصفاته وأخلاقه وعاداته وتصرفاته. وصرف الله قلوب المؤمنين إلى تتبع كل ما يصدر منه حركة وسكون وأخذ ورد، وعادة وعبادة وألهمهم الاعتناء به اعتناء لا مزيد عليه، كأن سائقا يسوقهم إلى ذلك.
وقد تجلت حكمة الله وعنايته الخاصة بكل وضوح في صيانة علم الحديث وحفظه ولنظرة عابرة في كتب السنة تكفي للإيمان بأن هذا الاهتمام البليغ الخارق للعادة بتسجيل دقائق الحق والخلق والعادات والعبادات والأقوال والأفعال وبكل ما يتصل بهذه الشخصية الكريمة اتصالا لا يتصوره الذهن الإنساني، وفي بسط تفصيل لا نظير له في تاريخ أمة ولا حضارة.
لم يكن هذا مجرد مصادفة بل كان ذلك سرا من الأسرار الإلهية، وبرهانا ساطعا على مدى عناية الله تعالى بهذه الرسالة التي ختم الله بها الرسالات وبهذه الشريعة التي قضى ببقائها وخلودها وانتشارها وعمومها لجميع العصور والأجيال، وكان لكل قطر من الأقطار الإسلامية نصيب وافر من هذا الإرث النبوي يدخل مع الغزاة والفاتحين، والدعاة والمبلغين والفقهاء والمدرسين.
وبدأ فجر الإسلام يطلع على الهند وبدأت أشعته تغمر هذه البلاد الرحبة الفسيحة، ولم يكن ذلك في وقت متأخر عن صدر الإسلام، وإنما كان في عهد الخلافة الراشدة الذي بدأ فيه الإسلام يزحف شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وبدأت موجاته تجتاز الحدود والسدود معلنة في الدنيا كلمة الله ومبشرة بدينه.
ولم تكن شبه جزيرة الهند منقطعة عن جزيرة العرب منزل الوحي ومهبط الرسالة ومشرق النور، فقد كان ثمة تجارة بين العرب والهند منذ أقدم العصور.