يراد بالأصل والتركيب في اصطلاح ابن فارس والصاغاني ما درج المحدثون على تسميته بالمادة أو الجذر اللغوي الذي يكون منه الإشتقاق والبناء.
وسندور بهذه الدراسة القصيرة حول هذا الموضوع في كتابين هما "معجم مقاييس اللغة"لابن فارس "والعباب الزاخر واللباب الفاخر"للحسن بن محمد الصاغاني، أو هو الصًّغانيّ دون ألف بعد الصاد.
وجدير بالذكر أن أحداً من أعلام اللغويين القدماء لم يعرض لهذا النوع من التصور فيما نعلم. ولا نشك للحظة في أن الصغانيّ إنما فعل ما فعل إقتداء بابن فارس وجرياً على أسلوبه، فهو كثيراً ما يروى عنه، وينقل. غير أن هذا لا ينفي أن تكون للصغاني وجهة نظر مختلفة كثيراًَ أو قليلاً، أو أن يكون مذهبه أوسع أو أضيق مما كان عليه ابن فارس.
وقد ألمح ابن جني لذلك في خصائصه، غير أن الأمر لا يبدو واضحاً عنده، ونورد فيما يأتي عبارتين توضحان رأي ابن جني في هذا المجال، وذلك حيث يقول: فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث فباب عظيم واسع ...
وذلك أنهم كثيراً ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها، فيعدلونها بها، ويحتذونها عليها، وذلك أكثر مما نقدره، وأضعاف ما نستشعره [١] وحيث يقول أيضاً: وذلك أنهم يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها بها ترتيباً، وتقديم ما يضاهي آخره، وتوسيط ما يضاهي أوسطه، سوقاًَ للحروف على سمت المعنى المقصود [٢] ويضرب لذلك مثلاً "بحث"فيقول: فالباء لغلظها تشبه خفة الكف على الأرض، والحاء لصحلها تشبه مخالب الأسد وبراثن الذئب ونحوهما، إذا غارت في الأرض، والثاء للنفث والنبث للتراب.