للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع لكتاب السير من التهذيب للإمام البغوي

فصل

إذا حاصر الإمام قلعة فترك أهلها على حكم حاكم جاز؛ لأن بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت بحكم الملك " (١) .

ويجب أن يكون الحاكم حراً مسلماً ذكرا عاقلا بالغاً عدلاً عالماً (٢) ؛ لأنه ولاية كولاية القضاء.

ويجوز أن يكون أعمى لأن ما يوجب الحكم بينهم مشهور يدرك بالسماع كالشهادة فيما طريقه الاستفاضة تصح من الأعمى ويكره أن يكون الحاكم حسن الرأي فيهم ولكن يجوز حكمه لأنه عدل في الدين.

وإن نزلوا على حكم حاكم يختاره الإمام جاز؛ لأنه لا يختار إلا من يجوز حكمه، وإن نزلوا على حكم حاكم يختارونه لم يجز إلا أن يشترط أن يكون على الصفات التي ذكرناها.

وإن نزلوا على حكم اثنين جاز؛ لأنه تحكيم في مصلحة طريقها الرأي فجاز أن يجعل إلى اثنين كالتحكيم في اختيار الإمام، وإن نزلوا على حكم من لا يجوز حكمه ردوا إلى القلعة.

وكذلك لو نزلوا على حكم حاكم فمات، أو على حكم اثنين فمات أحدهما، ردوا إلى القلعة ولا يحكم الحاكم إلا بما فيه الحظ للمسلمين من القتل أو الاسترقاق أو المن أو الفداء (٣) .

وإن حكم بعقد الذمة، وأخذ الجزية ففيه وجهان:


(١) متفق عليه. انظر: صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير - باب إذا نزل العدو على حكم رجل ٤/٨١، صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير - باب جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم ٣/١٣٨٩.
(٢) قال النووي: "وأطلقوا أنه يشترط كونه عالماً وربما قالوا فقيهاً وربما قالوا مجتهداً"، قال الإمام: "ولا أظنهم شرطوا أوصاف الاجتهاد المعتبرة في المفتي ولعلهم أرادوا التهدي إلى طلب الصلاح وما فيه النظر للمسلمين". نظر روضة الطالبين ١٠/٢٩١.
(٣) قال النووي: "وحكى الروياني وجهاً أنه لا يجوز الحكم بالمن على جميعهم واستغربه". انظر: روضة الطالبين ١٠/٢٩٢.