بينما تشكو الأمة العربية من ضعف في النواحي العلمية والتكنولوجية لا نجد العلوم المتعلقة بهاتين الناحيتين تحتل أكثر من خمس بعثات من بين أكثر من مائتي بعثة هذا بينما تحتل دائرة التربية وطرق التدريس والعلوم الإنسانية وهي تلك العلوم التي يجب أن تتصل بالبيئة والتراث والوضعيات المحلية المختلفة تحتل هذه الدائرة أكثر من مائة وعشرين بعثة من بين البعثات المذكور عددها سابقاً. أي أنها تزيد على النصف من البعثات حتى ليخيل للمرء أن مخططي البعثات يعمدون إلى مزيد من التمييع والتضليل بالنسبة للعملية التربوية في العالم العربي لأن هؤلاء الأساتذة غالباً ما يوفدون إلى جامعات عربية ويتركون بصماتهم فيها ونجد مثلاً فروع الطب والتمريض والصيدلة على أهميتها لا تحتل أكثر من عشرين بعثة من بين البعثات الموفدة لعام ٧٣ ـ ٧٤ م. أما فرع القانون والحقوق حده فإنه يفوز بعدد مواز للعدد الذي نالته جميع فروع الطب والصيدلة والتمريض أي قريب من عشرين بعثة وبقية البعثات أي حوالي خمسة وثلاثين بعثة توزع بين كليات التجارة بأقسامها المختلفة وبين بعض المعاهد المتخصصة كمعهد البريد ومعهد القطن ومعهد الفنادق وغير ذلك [١] ومن النظرة المحايدة يتضح عدم حياد القائمين على البعثات كما يتضح سيرهم في التخطيط المدمر لما تبقى من عناصر الصمود في هذه الأمة ولعل من أبز ما توحي به هذه الإحصائية أو هذا التقرير المنشور بتفصيلاته كلها في جريدة الأهرام المصرية الصادرة بتاريخ ٨ـ٦ـ٧٣م لعل أبرز موحياته أن هذا التخطيط يسير في واد واحتياجات مصر والعالم العربي تسير بواد آخر، إن مصر والعالم العربي لم يصبهما ما أصابهما إلا لأنهما دائماً يسيران في واد وحقائق التقدم وأبجديات الرقي والتعلق تسير في واد آخر وصدق القائل:"أرني مناهج أمة أخبرك أين هي ومن هيه وكيف هيه".