للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

المطلب الرابع: وقفات في مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج.

بعد استعرض الأقوال الواردة في المسألة يمكن استخلاص الوقفات التالية:

الوقفة الأولى: بالنظر إلى الآيات القرآنية التي استدل بها كل فريق فإنها لا تدل دلالة صريحة على إثبات الرؤية ولاعلى نفيها.

فنفاة الرؤية استدلوا بقوله تعالى {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَار} وقوله تعالى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فعائشة - رضي الله عنها - استدلت بهاتين الآيتين فقالت: "من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله، والله يقول {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} والله يقول {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ". وقد أجاب ابن عباس على الاستدلال بقوله {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} لما سئل عنها بقوله: "ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره".

قال ابن خزيمة: "لم تحك عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خبرها أنه لم ير ربه عز وجل، وإنما تلت قوله عز وجل {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} وقوله {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً....} تدبر الآيتين ووفق لإدراك الصواب علم أنه ليس في واحدة من الآيتين ما يستحق من قال: أن محمدًا رأى ربه الرمي بالفرية على الله كيف بأن يقول "قد أعظم الفرية على الله؟ "".

لأن قوله {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} قد يحتمل معنين على مذهب من يثبت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم خالقه عز وجل، قد يحتمل بأن يكون معنى قوله {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} على ما قال ترجمان القرآن لمولاه عكرمة: ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء.