الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين.
وبعد:
فإن دراسة حياة العباقرة والنابغين، وما تحفل به حياتهم من إنجازات عظام، سبقت زمانهم وفاقت قدرات أقرانهم، مدرسة عملية للأجيال، ومدعاة لاستخلاص العبر والدروس، وإصلاح الحاضر، واستشراف المستقبل، في ضوء الحقائق الموضوعية الماثلة في حياتهم، ولا جرم أن أحق الناس وأولادهم بالدراسة، زعماء الأمة وقادتها التاريخيين، الذين ابلوا بلاءً حسناً في سبيل خدمة أوطانهم وأمتهم، اعترافاً بفضلهم، وحفظاً لحقهم فلا تزال الأمة بخير – ما اعتزت بتاريخها المجيد، وعرفت حق أهل الفضل والعلم فيها، ممن تجتمع معهم في جذور واحدة، وأصول مشتركة، حيث من السهل حينئذ إعادة تاريخهم المجيد، وتطبيق تجربتهم، واختزان نجاحهم، وتوظيفه في رقي الأمة ونهضتها، وحق للشعب السعودي المسلم الأصيل، أن يسترجع بفخر واعتزاز سيرة مؤسس دولته الثالثة، الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله – الذي أجمع الباحثون الذين كتبوا عنه، على تعدد مواهبه، وعظيم شخصيته، وقوة شكيمته، وجلالة جهاده ومن العسير – والحالة هذه – الإلمام بجوانب حياته واستعراضها وتحليلها في بحث موجز، مما حملني على طرق جانب واحد، نال قسطاً كبيراً من اهتمام الملك الإمام تبدت فيه عبقريته، وظهرت في ميدانه نباهته، وذلك من خلال نهجه السديد في جمع القلوب المتنافرة، وتأليف النفوس المتناحرة، ورص الصفوف المتفرقة، حيث تكللت جهوده المباركة بنجاح رائع فريد، في أقل من ثلاثة عقود، وعنونته (منهج الملك الإمام عبد العزيز في تحقيق الوحدة ونبذ