حدَّث الحافظ أبو محمد بن حزم عن تليد صاحب خزانة الحكم المستنصر العلمية: إن عدة الفهارس التي تسمية الكتب أربع وأربعون في كل فهرسة عشرون ورقة ليس فيها إلا ذكر الدواوين فقط.
قال بعض المؤرخين: "إنه كان حسن السيرة مُكْرِماً للقادمين عليه، جمع من الكتب ما لا يُحد ولا يوصف كثرة ونفاسة، حتى قيل إنها كانت أربعمائة ألف مجلد، وأنهم أقاموا ستة أشهر في نقلها، وكان عالما نبيها صافي السريرة، وسمع من قاسم بن أصبغ، وأحمد بن دحيم، ومحمد بن عبد السلام الخشتي، وزكريا بن الخطاب وأكثر عنه. وأجاز له ثابت بن قاسم، وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء. وكان يستجلب المصنفات من الأقاليم والنواحي باذلاً فيها ما أمكن من الأموال حتى ضاقت عنها خزائنه. وكان ذا غرام بها، قد آثر ذلك على لذات الملوك، فاستوسع علمه، ودق نظره، وجمَّت استفادته، وكان في المعرفة بالرجال والأخبار والأنساب أحوذيّاً نسيج وحده، وكان ثقة فيما ينقله.. وقلَّما يوجد كتاب في خزائنه إلا وله فيه قراءة أو نظر في أي فن كان ويكتب فيه نسب المؤلف ومولده ووفاته، ويأتي من بعد ذلك غرائب لا تكاد توجد إلا عنده لعنايته بهذا الشأن..
وتوفي بقصر قرطبة ثاني صفر سنة ست وستين وثلاثمائة. لست عشرة من خلافته، وكان أصابه الفالج فلزم الفراش إلى أن هلك. وكان قد شدَّد في إبطال الخمر في مملكته تشديدا عظيما رحمه الله.