الأستاذ المشارك بكلية الدعوة وأصول الدين في الجامعة الإسلامية
الإجماع من البحوث النافعة والهامة في علم أصول الفقه، استأثر بعناية خاصة من أعلام الأمة ومفكريها لأنه الدليل الذي يلي النصوص في القوة والاحتجاج. فإذا ما عرضت للمجتهد حادثة، وأراد معرفة رأي الشريعة فيها عرضها أولا على كتاب الله تعالى عمدة الشريعة وكليّها، فإذا لم يجد بغيته مال إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام باعتبارها المصدر الثاني للشريعة، فإن أعياه البحث ولم يجد ضالته فيها نظر هل اتفق السابقون على حكم لها؟ فإن وجد عمل به وأفتى بموجبه وهو مطمئن البال، فالأمة لا تجتمع على الخطأ والضلالة كما أخبر بذلك الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم وإذا لم يسعفه الإجماع لجأ إلى أدلة أخرى معروفة في أصول الفقه كالقياس والاستصحاب والمصلحة..
حدث ميمون بن مهران فقال: "كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه خصم نظر في كتاب الله فإن وجد قضى به، وإلا نظر في سنة رسول الله فإن وجد فيها ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناس وجمع رؤساءهم واستشارهم، فإن اجتمع رأيهم على شيء قضى به، وكان عمر يفعل ذلك، فإن أعياه أن يجد ذلك في الكتاب والسنة، سأل هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء؟ وإلا جمع الناس واستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به.
وبعد فلمّا كان الإجماع يتكوّن من ركنين:
(١) مجمع عليه.
(٢) ومجمعين وهم أهل الإجماع فقد جاءت هذه الدراسة في مبحثين: الأول في المجمع عليه. وفحواه تعريف الإجماع، سنده، حجيته، أنواعه، مخالفة حكمه.
والثاني في المجمعين ((أهل الإجماع)) [١] الصحابة، الخلفاء الأربعة، أهل البيت، أهل المدينة، أهل الكوفة والبصرة، جماعة المجتهدين في أي عصر.