للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع العلمانية وموقف الإسلام منها

الفصل الخامس

موقف الإسلام من العلمانية

المبحث الأول

حكم الإسلام من العلمانية

الإسلام يرفض العلمانية رفضاً قاطعاً سواء أكانت العلمانية بمعنى فصل الدين عن الحياة، أم بمعنى اللادينية؛ لأنها دعوة ضد الإسلام.

فالدولة في الإسلام ضرورة لابد منها، وذلك لإنفاذ الأحكام الشرعية، وصيانة الحقوق، ووصول الدين إلى أهدافه وأغراضه في حفظ الدين والنفوس والعقول والأعراض والمال وغيرها.

أمَّا إذا أبعد الإسلام عن الحكم وعطلت صلاحياته، فستصبح كثيرٌ من أحكامه وتشريعاته حبراً على ورق؛ لأنه لا يمكن تنفيذ تلك الأحكام من قبل الفرد وحده، وذلك كالجهاد في سبيل الله تعالى، وتنفيذ القصاص، وجباية الزكاة، وتأمين الطرق، ونشر الأمن، وفض الخصومات وما شابه ذلك.

إن الإسلام جاء عقيدة تنظم علاقة الناس بربهم، وشريعة تدير جميع شئون الحياة كلها، والدين عند الله تعالى هو الإسلام، والإسلام كما يدلُّ عليه اسمه هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك.

وقد شملت أوامر الله ونواهيه الحياة بأسرها، فليس هناك جانب من جوانب الحياة أو شيء من نظمها إلا ولله تعالى فيه حكم، فحياتنا العقدية، والاجتماعية، والتربوية والاقتصادية، والسياسية، وضع لنا أصول التعامل فيها، وفصل لنا بعض جوانبها تفصيلاً.

قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (١) .

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله-: "قال ابن مسعود: قد بين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شيء. وقال مجاهد: كل حلال وكل حرام، وقول ابن مسعود أعم وأشمل، فإن القرآن اشتمل على كل نافع من خبر ماسبق، وعلم ما سيأتي، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم".

ويمكن إيضاح وبيان حكم الإسلام من العلمانية كما يلي:


(١) سورة النحل، الآية (٨٩) .