كَيفَ أقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أوَّل دَوْلة إسلاميَّة
عَلى التضَامُنِ وَالوَحْدَة؟
الدكتور محمد السيد طنطاوي
رئيس شعبة التفسير بالدراسات العليا بالجامعة
كلمتا التضامن والوحدة، من الكلمات المحببة إلى النفوس، لأنهما تدلان على التكافل، والترابط، والتراحم، بين الأفراد والجماعات.
وقد سما الإسلام بهاتين الكلمتين، فجعلهما رمزاً للتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، بعد أن كانتا في الجاهلية، تخضعان للروابط العنصرية، وللنزعات القبلية، ولإرضاء ما جبلت عليه النفوس - التي استحوذ عليها الشيطان- من حب للسيطرة، ومن التعالي على الغير، وإخضاعه لسلطانه ... فمثلا، قبل الإسلام، تضامنت واتحدت قبيلة الأوس فيما بينها، وقبيلة الخزرج فيما بينها، على أن تنتقم كل قبيلة من الأخرى، وأن تخضعها لسلطانها ...
أما بعد أن وفق الله- تعالى- هاتين القبيلتين للدخول في الإسلام فقد صار هذا التضامن، يقوم على الحب والإخاء والتعاطف بين الجميع، بدون تفرقة بين قبيلة وأخرى.
ولقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم أول دولة إسلامية على التضامن والوحدة، عن طريق التوجيهات القرآنية، والإرشادات النبوية.
وذلك لأن القرآن الكريم، هو الكتاب الذي أنزله الله- تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم لكي يخرج الناس به من الظلمات إلى النور، وليكون هداية لهم إلى ما هو أقوم، وليرشدهم إلى ما يسعدهم ويصلحهم، وليجنبهم الوقوع في الأخطاء التي لا تحمد عقباها.
أما السنة النبوية فمن أهم وظائفها: تفصيل ما جاء في هذا القرآن من إجمال، وتأكيد ما أمر به أو نهى عنه ...