الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وإمام المهتدين، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين، ومن سلك سبيلهم، وترسم خطاهم، ونهج مناهجهم إلى يوم الدين أما بعد:
فإن الحركات الهدامة قد استشرى خطرها، واتسع نطاق ضررها، وأصبحت محاربتها ألزم من محاربة جميع الأمراض الفتاكة، والأوبئة المبيدة، لأن شرها على الإنسانية أكثر من شر تلك الأمراض وهذه الأوبئة؛ لأن هذه الحركات تمسخ الإنسان وهو لا يدري، وتجعله أحط من بهيمة الأنعام، وهو يعد نفسه أو يعده غيره من العقلاء. وقد تنوعت أساليب هذه الحركات واختلفت أشكاله، وأخطر هذه الحركات في هذا العصر الماسونية وفروعها من الشيوعية والاشتراكية، والصهيونية التي تنبع من عين واحدة وإن اختلفت مظاهرها، وتعمل لهدف واحد وإن تغايرت أساليبها، حتى صار بعض الناس يحسب - بسبب هذا التغاير المظهري - أنها حركات متعادية، وهي في الواقع مؤسسة يهودية عالمية.
وأساس هذه الحركات هي الماسونية، وهي جمعية سرية يهودية الأصل، ومعنى (ماسون) أو فرسون:
(البناءون الأحرار)
وقد أسس المحفل الأعظم لهذه الجمعية لأول مرة في بريطانيا عام ١٧١٧م، وقد زعم دعاتها أنهم يهدفون إلى مبادئ ثلاث، هي الحرية والإخاء والمساواة، ومقصودهم من الحرية في الواقع أن يتحرر الناس من أديانهم، وأن يرتكب الإنسان ما شاء له هواه دون رادع أو زاجر، وأن يخالف جميع ما تأمر به الشرائع، وأن تفعل المرأة ما شاءت من الزيغ والرجس والفساد والتهتك والانحلال تحت ستار هذه الحرية.