إن الحضارة الإنسانية ليست إلا محصلة الجهد البشري في كل معارف الحياة من الفلسفة.. والقانون.. والتشريع.. ونظام المجتمع.. وأخلاقه وسلوكه.. وقيمه.
وبهذا يعتبر الإسلام دين حضارة ومصدراً أساسياً في حضارة العالم فقد أدى رسالته العالمية ومازال يؤدي وسيظل مصدر إشعاع نوراني على كوكبنا الأرضي لتوجيه البشرية في مجالات الإنتاج المختلفة.. إنتاجاً مشعاً صافياً.. بل إن كل ما ينعم به إنسان اليوم في سلم الحضارة مادية وآلية تعود إلى فكر الإنسان المسلم منذ العصور الوسيطة وإلى تجاربه وعلومه وتوجيهها نحو خدمة الإنسان وحضارته في معراج الكمال الإنساني المنشود.
وإذن فهناك رابط أصيل بين الحضارة المادية والحضارة الصناعية من جهة والحضارة الإنسانية والبشرية في الفكر والوجدان والإرادة من جانب آخر.. وإذا كان الدين منبعاً للحضارة البشرية والعلم أساس الحضارة المادية، فالدين والعلم متلازمان، ولا غنى عنهما للإنسان في بناء حضارته والاستفادة من هذا النبع. وهناك نظرة غير عادلة تفصل العلم عن الدين، وتعطي العلم قيمة أرفع من الدين وهذا خطأ واضح في فهم طبيعة الإنسان وتصوره.