إن الدعوة إلى الله موجهة إلى الإنسان باعتباره أكرم مخلوقاته، كرمه الله في خلقه، فسواه فعدله، ونفخ فيه من روحه، يقول تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}[الإسراء ٧٠] وسخر الله له ما في السموات والأرض جميعاً.
هذا هو المدعو إلى الله، والداعي مثله، وقد يزيد بعلمه، وبفقهه، وخطابه للناس.
فالداعية إلى الله ليس مجرد معلم يلقي إلى المتعلم بمعارف لا علم له بها، ولا يكفي أن يكون موجهاً إلى السلوك والطريق المستقيم في جانب واحد، أو وقت واحد، بل تمتد رسالة الداعي إلى الله إلى تكوين شخصية المسلم التي يعيش بها طوال حياته، ويتميز بها في عقله، وثقافته، وفي نفسه، وخلقه، وسلوكه عن غيره.
ولا يكفي في الداعي إلى الله، أن يحترف هذا العمل، بحيث لا يجاوزه إلى غيره، كما يحترف المعلم التعليم؛ لأن تأثير الداعي إلى الله في المدعوين، يتوقف إلى حد كبير على ميزاته النفسية، وقدراته الشخصية، بعد استعداده العلمي في علوم الإسلام وأحكامه، ولذلك فإن الدعاة إلى الله، ليسوا طائفة من المعلمين فحسب، وقد يوفق أحد الدعاة بسبب ميزاته النفسية، وقدراته الشخصية، أكثر مما يوفق العالم بأحكام الشرع، أو الفقيه المتمكن في فروع الفقه ومسائله.