للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّسَائِلُ الحَرْبيَّة في عصْر الّدوْلة الأيوبيَّة

ثلاث رسائل إلى الملك العادل عن انتصار الأسطول المصري في البحر الأحمر:

أرسل السلطان صلاح الدين رسالة بقلم القاضي الفاضل إلى أخيه الملك العادل أبي بكر , بشأن انتصار الأطول المصري بقيادة أميره حسام الدين لؤلؤ على الأسطول الصليبي , الذي جرؤ فعبر مياه البحر الأحمر , قاصدا مهاجمة مدينتي مكة والمدينة , وذلك في شوال سنة ٥٧٨ هـ = فبراير ١١٨٣ م.

تبتدأ هذه الرسالة هكذا: "وصل كتابك المؤرخ بخامس ذي القعدة المسفر عن المسفر من الأخبار , المتبسم عن المتبسم من الآثار , وهي نعمة تضمنت نعما , ونصرة جعلت الحرم حرما , وكفاية ما كان الله ليؤخر معجزة نبيه _ صلى الله عليه وسلم _ بتأخيرها , وعجيبة من عجائب البحر التي يتحدث عن تسييرها وتسخيرها " [١] .

وقد راعى القاضي الفاضل في هذه المقدمة الالتزام بالجناس والسجع كعادته.

ثم يقول: "وما كان لؤلؤ فيها إلا سهما أصاب وحمد مسدده , وسيفا قطع وشكر مجرده ... ركب السبيلين: براً وبحراً , وامتطى السابقين: مركبا وظهرا , وخطا فأوسع الخطو , وغزا فأنجح الغزو [٢] " وهو يبدى إعجابه بالبسالة الحربية والتضحية المالية التي بذلها المسلمون.

ثم يتحدث عما يفعله مع الأسارى في هذه المعركة , فيقول: " وأما هؤلاء الأسارى فقد ظهروا على عورة الإسلام وكشفوها , وتطرقوا بلاد القبلة وتطوفوها , ولا بد من تطهير الأرض من أرجاسهم , والهواء من انفاسهم , بحيث لا يعود منهم مخبر يدل الكفار على عورات المسلمين" [٣]

وفي هذه الرسالة يحذر المسلمين بعد هذا الانتصار الباهر من مكر الصليبيين وغدرهم , وهنا يحل حديثنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ".. ويقول: "ان اللدغة الأولى تكفي لمن له في النظر تفقه ".