تخوض أمتنا معركة حاسمة في جميع مجالات الحياة، ولا سيما في ميدان الفكر والثقافة، حيث تستعمل في هذه المعركة كل أنواع الأسلحة الفتاكة، التي تهدف إلى بلبلة الأفكار، وإشاعة الفوضى والانحلال، والانسلاخ من العقيدة والتراث والتاريخ، والإتيان على بنيان هذه الأمة من القواعد..
ومن أخطر هذه الأسلحة، سلاح المصطلحات والشعارات، الذي طرحه الغرب [١] للتداول في عالمنا الإسلامي مع بدء الغزو الفكري، ولم يمضي كبير وقت، حتى شاعت هذه المصطلحات وذاعت بعد أن رددتها وسائل الإعلام، وعممتها الصحف والمجلات، وأقحمت في صلب المناهج والكتب الدراسية وأصبحت اليوم عملة دارجة، تطالعك بها الأغاني الشعبية، وأحاديث الدهماء، فضلا عن أنصاف المتعلمين والمثقفين، الذين يلهجون بذكرها - حين يستريحون وحين يسرحون - ليثبتوا للناس أنهم بلغوا الحلم، وآنسوا من أنفسهم الرشد! وتأتي خطورة هذه المصطلحات والشعارات، من أن كل مصطلح أو شعار، مرتبط ارتباطا وثيقا بشجرته الفكرية التي يمثلها، ويتغذى منها، ويعيش عليها، وبالتالي فهو حينما يطرح للتداول في مجتمع جديد، لا بد أن يحمل معه رصيده وفلسفته وتاريخه ولا بد أن يلقي بظلاله وإيحاءاته وقيمه في هذا المجتمع الذي يحسن استقبال الوافد الجديد - بحكم تقاليد الضيافة العربية - ويخلي له البيت، ويرفع من طريقه العقبات، وإيثارا لمبدأ التسامح الديني الذي عرفنا به!! ونتنازل - بسماحة حاتم - عن مصطلحاتنا وشعاراتنا، ليخلوا الجو لضيف الثقيل، الذي يبيض ويفرخ، ويستوطن ويستعرب، وعلى المصطلح الإسلامي أن يغادر أرضه وبلاده، ليعيش لاجئا ذميا في بلد آخر، أو يكتفي أن يعيش في زاوية ميتة من زوايا التاريخ علما بأنهم يلاحقونه حتى في مثل هذه الزاوية، ويلبسونه لباسا جديدا، ويفسرونه تفسيرا مشوها حتى