إن من ثمرات الحضارة الغربية التعليم المختلط, والمتصفح لتاريخ الأمم الماضية لا يجد ذكرا لهذا التعليم, فهذه الحضارة اليونانية التي بلغت شأوا بعيدًا في الرقي والتمدن مع هذا فإنها تفرق في نظام التعليم بين الرجال والنساء, وهذه الحضارة الرومانية التي كانت داعية إلى حرية لم يسبق إليها غيرها لا نجدها قد أباحت هذا التعليم ولم تتصور هذا الفكر الجديد, وعندنا أمثال للدراسات العليا في الحضارة الصينية قد قطعت في التعليم شوطا بعيدا منذ أقدم العصور ومع ذلك لم تتعرض للتعليم المختلط مثلما تعرضت لها الحضارة الغربية وقلدها بعض البلدان الإسلامية.
أول دولة أخذت بهذا النظام هي الولايات المتحدة الأمريكية فلفظ (co-education) (التعليم المختلط) قد استعمل أول مرة سنة ١٧٧٤م, وبقي الأمر مقصورا عليها ولم تأخذ به أي دولة إلا قبل خمسين سنة حيث أخذت به الدول الأوروبية ثم انتشر بعد ذلك إذ أخذت به معظم الدول.
أسباب انتشار التعليم المختلط:
١- الثورة الصناعية:
لما قامت هذه الثورة في البلاد الأوروبية أجبرت المرأة على الخروج من بيتها لأن الحاجة أصبحت ماسة إلى أيد عاملة كثيرة لزيادة الإنتاج فنافست المرأة الرجال في معظم المجالات ولكنها ما لبثت أن وجدت نفسها قاصرة وعاجزة عن أداء وظيفتها بسبب جهلها وقلة تعليمها فاتجهت إلى التعليم والإرشاد لسد الخلل والنقص. ولما كانت الغاية من التعليم هي التأهيل للعمل في مجالات الرجال فليس هناك مانع من جلوسها في المدارس والمراكز التعليمية بجانب الرجال لسماع المحاضرات وتلقي الإرشادات في موضوع واحد من طريق واحد لأن عملهما في خارج بيتهما واحد.