الحمد لله وحده، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال مدبر الكائنات في أزل الآزال، ومقدر الأرزاق والآجال نحمده على فضله الدائم المتكرر، ونشكره على أفضاله التي عمنا بها.
وأصلي وأسلم على البشير النذير سيدنا محمد الهادي إلى نور الإيمان من ظلمات الكفر والضلال، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
وبعدْ: إنهَ لمن فضول القول ونافلة الكلمة أن أشير هنا وأبين ما للأصول من مكانة بين العلوم الشرعية، ثم أن أشيد بمكانة علماء الأصول، لأن مكَانتهم من مكانة أصوله الفقه بين العلوم ولما كانت مكانة الأصول معروفة جلية بين العلوم فكذلك تكون مكَانة علماء الأصول جلية ظاهرة بين العلماء.
وانطلاقا من هذه الأهمية ومن هذه المكانة العلمية لأصول الفقه وعلمائه فقد أقدمت على دراسة الآراء الأصولية لعالم جليل من علماء أصول الفقه وهو الإمام أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج الشافعي البغدادي المتوفي سنة ٣٠٦ هـ.
ودراسة آراء ابن سريج الأصولية لها أهمية كبيرة وفائدة جليلة وذلك لمكانة ابن سريج العلمية بين علماء الشافعية خصوصا وبين علماء عصره عموما.
وهذا ما أثبته في دراسة حياته ومكانته العلمية ومن خلال مصنفاته ومكانة تلاميذه من بعده.
وهناك أسباب كثيرة دفعتني لأن أقوم بجمع ودراسة آراء ابن سريج الأصولية وإظهارها في مؤلف مستقل جمعتها من بطون كتب أصول الفقه التي حوت في ثناياها الأقوال الأصولية لابن سريج ومن هذه الأسباب ما يلي:
أولاً: المكانة العلمية التي يتمتع بها ابن سريج بين علماء الشافعية خصوصا وعلماء عصره عموما حتى قيل عنه بأنه الشافعي الصغير.