تابع الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين
زيادة ألف الإطلاق في آخر الكلمة:
ومما ذكره جمهور العلماء في باب الضرائر الشعرية أنه يجوز للشاعر أن يلحق القافية المطلقة حرفاً، كقول جرير:
أقلي اللوم عاذل والعتابا
وقولي إن أصبت لقد أصابا
فألحق هذه الألف في الروي؛ لأن الشعر وضع للغناء والترنم؛ إذ اعتاد الشعراء أن يترنموا في أواخر الأبيات قبل حرف الروي ليمتد بها الصوت، ويقع فيه تطريب لا يتم إلا بمد الحرف. وأكثر ما يقع ذلك في الأواخر (١)
قال السيرافي:
"وهذه الزيادة غير جائزة في حشو الكلام، وإنما ذكرناها لاختصاص الشعر بها دون الكلام، وهي جيدة مطردة، وليس تخرجها جودتها من ضرورة الشعر إذ كان جوازها سبب الشعر.
ومن هذا القبيل ما جاء في ألفية ابن مالك في باب "المعرب والمبني"حيث قال:
ومُعربُ الأسماء ما قد سَلمِا
من شَبَه الحرف كأرضٍ وسُما
وفعل أمر ومُضِيٍّ بُنيا
وأعربوا مضارعاً إن عَريا
قضت ضرورة الشعر عليه بزيادة الألف في آخر الفعلين "سَلِم"و "عري"
وقال في الباب نفسه:
فالأوَّل الإعرابُ فيه قُدِّرا
جميعُهُ وهو الذي قد قُصِرا
زاد ألف الإطلاق في الفعلين "قُدِّر"و "قُصِر".
وقال في باب "النكرة والمعرفة":
في الباقيات واضطراراً خفَّفا
منِّي وعنِّي بعضُ من قد سَلَفا
أراد: "خَفَّفَ" و"قد سَلَفَ"فمدَّ من أجل الضرورة.
ومثل ذا قوله في باب "الابتداء":
والأصلُ في الأخبار أنْ تُؤخَّرا
وجَوَّزوا التقديمَ إذْ لا ضَرَرا
الأصل: "تُؤخَّرَ"و"لا ضَرَر".
وقوله في باب "كان وأخواتها":
ككانَ ظلَّ باتَ أضحى أصبحا
أمسى وصارَ ليسَ زالَ بَرحِا
زاد ألف الإطلاق في الفعلين "أصبح" و "برح".
وقوله في باب "إنَّ وأخواتها":
ولا يلي ذي اللامَ ما قد نُفِيا
ولا مِن الأفعال ما كرضيا
الأصل: "نُفي"و "كرضي".
وقوله في باب "ظنَّ وأخواتها":
وَهَبْ تعلَّمْ والتي كصيَّرا
أيضاً بها انصِب مبتداً وخبرا
(١) انظر: الكتاب ٢ / ٢٩٩.