للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع العلمانية وموقف الإسلام منها

الفصل الثالث

الإسلام يتنافى مع العلمانية

مما سبق يظهر لنا أنَّ العلمانية ظهرت في أوروبا نتيجة لظروف خاصة بعضها يتعلق بالكنيسة وديانتها المحرفة، وطغيانها الأعمى في شتى المجالات الدينية والاقتصادية والسياسية، وبعضها يتعلق بتعاليم النصرانية نفسها ودور اليهود.

وتلك الظروف لا تنطبق على الإسلام؛ وذلك لأسباب أبرزها وأهمها ما يلي:

١- أنَّ أول ما يلاحظ في دين أوروبا هو التحريف الذي أصاب العقيدة والشريعة. عقيدة التثليث المضطربة، والأناجيل المحرفة والمتناقضة، ثم النظرة القاصرة التي فصلت الدين عن الدولة والحياة، وحصرته في الأديرة والكنائس.

أما الإسلام فهو عقيدة، وشريعة دين ودولة، حيث وضع نظاماً كاملاً ومحدداً لكل شأن من شئون الحياة.

قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (١) .

قال ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية:

قال ابن مسعود: "قد بين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شيء"، وقال مجاهد: "كل حلال وكل حرام، وقول ابن مسعود أعم وأشمل، فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ماسبق، وعلم ما سيأتي، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ومعاشهم ومعادهم..".

وقد تكفل الله تعالى بحفظ هذا القرآن من التغيير بخلاف الكتب السابقة قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢) .

٢- أَنَّه ليس في الإسلام كهنوت (٣) ولا واسطة بين الخالق وخلقه، وبإمكان أي مسلم في أي مكان وفي أي زمان، من ليل أو نهار أن يتصل بربه بلا كاهن ولا قسيس.


(١) سورة النحل، الآية (٨٩) .
(٢) سورة الحجر، الآية (٩) .
(٣) الكهنوت رجال الدين عند اليهود والنصاري ونحوهم. انظر: المعجم الوسيط (٢/٨٠٣) .