تابع لأثر الدعوة السلفية في توحيد المملكة العربية السعودية
الفصل الأول
الدعوة السلفية في الدورين الأول والثاني للدولة السعودية
المبحث الأول: دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عقيدة السلف الصالح ولقائه بالإمام محمد بن سعود:
نشأ الإمام العلامة والداعية المجدِّد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي، في القرن الثاني عشر، في زمنٍ اشتدت فيه غربة الإسلام، وغلب على أهله الجهل والبدع والخرافات، وعبادة الأنبياء والصالحين، والأشجار والأحجار، وقلّ فيه مَنْ يصدع بالحقِّ، ويشرح للناس حقيقة التوحيد الذي بعث الله به الرُّسل، وأنزل به الكتب، ويحذِّرهم من أنواع الشرك المنافية لدين الإسلام..
قام هذا الإمام ـ رحمه الله ـ داعياً إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، والعودة إلى ما كان عليه السلف الصالح، وتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال، ولم يزل ـ رحمه الله ـ مجاهداً بقلمه ولسانه، صابراً على ما يلقاه من أذى، داعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مستمراً في الدعوة والبيان، وإيضاح الحق بأنواع الأدلة من الكتاب والسنة، وشرح حال سلف الأمة، وبذل كل غالٍ ونفيس لتجديد أمر الدين وإعادة الإسلام إلى صفائه ونقائه [١] .
وقد ثار عليه الحاسدون والحاقدون من أدعياء العلم، والأمراء الجُهَّال، والعوام، وعزموا على القضاء عليه وعلى دعوته الإصلاحية في مهدها، مما اضطرَّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أن يلجأ إلى الدرعية ـ التي كانت تحت إمرة الإمام محمد بن سعود ـ ولما وصلها الشيخ استقبله الإمام محمد بن سعود ـ جد الأسرة السعودية أعزها الله وأدامها ـ استقبالاً طيباً، وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وألقى الله سبحانه في قلبه المحبة للشيخ، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده وقال له: