يعتمد بقاء الحضارات وسيادة الأمم - كما هو معروف - على أصالة المنهج وصلاحه واستمراره، وينفرد المنهج الإسلامي بخاصية الاستمرار والخلود فلا تتغير أحكام الشرع الأساسية وثوابته بتغير العصر، وقد أقام الملك عبد العزيز رحمه الله منهجه على أسس ثابتة مستمدة من الكتاب والسنة وهي:
الأصل الأول - عقيدة التوحيد:
وهي أصل الدين ومبعث الخير ومناط التوفيق، فلا يعبد في أرض الله إلا هو سبحانه، ولا يحكّم في عباد الله إلا شرعه، ولا يكون الولاء والبراء إلا على هذا المبدأ الأصيل والأساس الركين، ولا تستقيم مسارات الحياة كلها إلا وفق معطيات الدين الحنيف فهو دين كامل شامل، فيه العقيدة والشريعة والأخلاق، والشريعة تتضمن العلاقات الدولية، وتحث على الخير والأمن على نحو تتجاوب له الفطرة وتتناسق مع هديه متطلبات كل عصر.
كان الملك عبد العزيز رحمه الله يستشعر هذا المعنى العظيم للتوحيد، ويعرف ما تتسم به الشريعة من الشمولية والخلود، وما تثمره هذه العقيدة الخالدة من خيري الدنيا والآخرة، وما ينعم به المتمسك بالتوحيد الداعي إليه الذاب عنه من أسباب التمكين والتوفيق.
كان يدرك ذلك وهو يؤسس هذا الكيان الإسلامي الكبير على أساس العقيدة، وكان ذلك من نعم الله عليه وعلى شعبه وهو معنى كريم من معاني الأصالة التي أقام عليها منهجه، فها هو يقول في وضوح وجلاء:
"إنني والله لا أحب إلا من أحب الله حبا خالصا من الشرك والبدع، وأنا والله لا أعمل إلا لأجل ذلك، ولا يهمني أن أكون ملكا أو فقيرا، والله ثم والله إني لأفضل أن أكون على رأس جبل آكل من عشب الأرض وأعبد الله وحده من أن أكون ملكا على سائر الدنيا وما فيها"[١] .