للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دفاعٌ عنِ العقوُباَت الإسلامِيةِ

للشيخ محمد بن ناصر السحيباني

عميد كلية الشريعة بالجامعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...

أما بعد:

فقد سبق أن وعدت في مقالة سابقة تكلمت فيها عن مزايا التشريع الإسلامي، وأشرت إلى ما تتعرض له الشريعة الإسلامية من استنقاص وازدراء من قِبَل أعدَائها، ومن قبل من يتظاهرون بأنهم من أبنائهَا، وقد وعدت في تلك المقالة أن أخص العقوبات الإسلامية بكلمة مختصرة موجزة، أبين فيها ما تبين من وجوه الحكمة فيها، وما تمتاز به عن العقوبات التي وضعها الإنسان وضعا ارتجاليا متأثراًَ بأهوائه ورغباته، مسترشدا بنظره القاصر، وتفكيره المحدود، وقبل أن أدخل في موضوع العقوبات، أقدم بكلمة قصيرة عن الجريمة ونظرة الإسلام إليها، فأقول مستعينا بالله:

أولا: تعريف الجريمة:

الجريمة عند أهل اللغة تأتي بمعنى الجناية وبمعنى الذنب. قال في اللسان: "وجرم إليهم وعليهم جريمة وأجرم: جنى جناية" [١] .

وفي تاج العروس، والجرم بالضم الذنب كالجريمة. وقال: والمجرمون في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} الكافرون لأن الذي ذكر من قصتهم التكذيب بآيات الله والاستكبار عنها قاله الزجاج [٢] ، والذي يلفت النظر، أن لفظة الإجرام وردت في كثير من الآيات الكريمة، وكلها والله أعلم يقصد بها الكافرون أو المشركون ونحوهم من المكذبين والمنافقين. كما نقله صاحب التاج عن الزجاج، كما ورد في قوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} الأنعام: ١٢٤.