للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين

مجيء الحال من المبتدأ:

قال ابن مالك في باب "عطف النسق ":

فالعطفُ مطلقاً بواوٍ ثم

حتى أم أو كفيك صدقٌ ووفا

فقوله: "العطف"مبتدأ وخبره "بواو" وما بعده. و"مطلقاً"حال من العطف. قاله المكودي.

فقوله: "ومطلقاً حال من العطف"فيه إتيان الحال من المبتدأ وهو ضعيف.

وقيل: حال من الضمير المستتر في الخبر. وجاء تقديم الحال على عاملها المضمن معنى الفعل دون حروفه؛ لأن ذلك مغتفر في النظم. على أن الأخفش، والناظم أجازاه قياساً.

قلت: ستأتي قريباً مسألة تقديم الحال على عاملها الظرفي. وسأناقش - هاهنا - مسألة إتيان الحال من المبتدأ. فأقول:

اختلف النحويون في مجئ الحال من المبتدأ؛ فظاهر كلام سيبويه أن صاحب الحال في نحو: "فيها قائماً رجلٌ"هو المبتدأ. وصححَّه ابن مالك.

وأكثر النحويين على منعه قائلين: إن صاحب الحال هو الضمير المستكن في الخبر بناءً على أنه لا يكون إلاَّ من الفاعل والمفعول.

قال ابن مالك:

"وقول سيبويه هو الصحيح؛ لأن الحال خبرٌ في المعنى، فَجَعْلُه لأظهر الاسمين أولى من جعله لأغمضهما".

(وزعم أبو الحسن بن خروف أن الخبر إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً لا ضمير فيه عند سيبويه، والفراء إلاَّ إذا تأخر، وأما إذا تقدم فلا ضمير فيه. واستدل على ذلك بأنه لو كان فيه ضمير إذا تقدم لجاز أن يؤكد، وأن يعطف عليه، وأن يبدل منه كما فعل ذلك مع التأخر) .

وإذا قيل: "زيد راكباً صاحبك"لم يجز عند الجمهور إلاَّ على تقدير: إذا كان راكباً.

كما يظهر من كلام أبي القاسم الزجاجي في الجمل أن الابتداء يعمل في الحال؛ لأن العامل في الحال هو العامل في صاحب الحال.

ومذهب أبي العباس المبرد، وتبعه ابن السراج أنه لا يعمل في الحال إلا فعل مجرد أو شيء في معنى الفعل كاسم الإشارة في قولك: هذا زيد قائماً؛ لأن المبتدأ هاهنا في معنى الفعل وهو التنبيه، كأنك قلت: انتبه له قائماً.