وكان يحرص على تفقد أولاده في الصلاة، فإذا تخلف أحد أبنائه عن الصلاة أمر بسجنه هو وخدمه فترة من الوقت، ويذكر عبد الحميد الخطيب في كتابه "الإمام العادل"أنه زار مدرسة الأمراء في الرياض سنة ١٣٥٥هـ، فلاحظ أحد أبناء الملك عبد العزيز الصغار يبكي، فسأله مدير المدرسة عن سبب بكائه، فقال:"إن أخاي أدخله والدي السجن لأنه لم يصل الصبح مع الجماعة".
وكان ـ رحمه الله ـ صارماً حازماً في تطبيق أحكام الشرع، مما يؤكد قوة تمسكه بالجانب الديني في أفعاله ـ رحمه الله ـ دون مجاملة أو مداهنة لأحد، حتى وإن كان المتدخل في الأمر أحد أبنائه، وقد أورد الزركلي قصة ذلك الرجل القاتل الذي التجأ للأمير عبد الله الفيصل الذي حاول التوسط عند الملك ليقبل أهل القتيل الدية، ولكن الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أصر على أن يجعل هذا الأمر بسماح أهل القتيل وتنازلهم عن القصاص بطوعهم واختيارهم ـ ابتغاء الأجر والثواب من الله تعالى ـ فلما حصل التنازل، تنازل هو عن الحق العام، لأنه في يده.
وهكذا نلحظ أن الملك عبد العزيز كان حريصاً على التمسك بالجانب الديني مهما كلفه ذلك من مصاعب وتضحيات، في سبيل رضا الله ـ تعالى ـ وتقواه، وكان يدعو إلى ذلك بقوله وفعله، وقد اقتدى به عدد كبير من دعاة التوحيد في العالم العربي والإسلامي، حيث كانوا يأتون ويجلسون إليه ويأخذون من أقواله ونصائحه، بل تعدى ذلك إلى الدعم المادي والمعنوي لهؤلاء الدعاة لنصرة هذه العقيدة، ومن هؤلاء الدعاة الشيخ محمد رشيد رضا مؤسس مجلة "المنار"التي نشرت مقالات التوحيد ومحاربة الشركيات، والشيخ محمد حامد الفقي، والشيخ محمود الألوسي، وغيرهم.