الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد
فهذه نظرات في التمثيل البلاغي قصدت من ورائها أن أكشف النقاب عن حقيقة هذا اللون البياني الجميل، وأن أميط اللثام عما ينطوي عليه من اللطائف والأسرار، وأن أتعرف على الشخصيات التي كان لها أثر في نموه وازدهاره، وتجلية محاسنه وأسراره.
والله الكريم أسأل أن يجعل هذا الجهد المتواضع خالصا لوجهه الكريم، وأن يوفقنا دائما لخدمة لغة القرآن العظيم إنه سميع مجيب. وهو حسبي ونعم الوكيل.
التمثيل في اللغة:
المثل بالكسر والتحريك وكأمير الشبه وجمعه أمثال، وتمثل بالشيء ضربه مثلا، والأمثل الأفضل، والطريقة المثلى الأشبه بالحق وأمثلهم طريقة أعدلهم وأشبههم بأهل الحق وأعلمهم عند نفسه بما يقول، ومثله له تمثلا صوره له حتى كأنه ينظر إليه، وامتثله هو تصوره، وامتثل طريقته تبعها فلم يعدها [١] .
التمثيل في التقديم:
لقد كان مفهوم التمثيل عاماً عند القدماء من علماء البلاغة فقد أطلقوه على كثير من الصور البيانية كالاستعارة والمجاز والكناية والتشبيه الاصطلاحي فقدامة بن جعفر المتوفى سنة
٣٣٧ هـ جعله فرعاً من ائتلاف اللفظ مع المعنى ومثل له بأمثلة تشمل كثيراً من الألوان البلاغية [٢] وأبو هلال العسكري المتوفى سنة ٣٩٥ هـ تحدث عنه تحت اسم المماثلة وأورد له كثيراً من الشواهد الأدبية التي تشمل كثيرا من الصور البيانية كالتشبيه الاصطلاحي والكناية والمجاز والاستعارة [٣] وابن رشيق القيرواني المتوفى سنة ٤٦٣ هـ جعله ضربا من الاستعارة ومثل له بأمثلة أكثرها من قبيل الكناية والتشبيه الاصطلاحي [٤] .