أدرك ابن باديس رحمه الله ما آلت إليه بلاده تحت وطأة القوانين الفرنسية المخصوصة الاستثنائية التي تحرم المواطنين الجزائريين من كافة الحريات، من الكتابة والاجتماع والسفر والانتقال من بلد إلى بلد داخل الجزائر نفسها، فلا يسافر أحد منهم إلا بإذن من الشرطة الفرنسية، يبين فيه الجهة التي يقصدها والمدة التي يمكنه التغيب فيها عن قريته أو مدينته، وعليه أن يتوجه لمركز الشرطة بمجرد وصوله، وكانت السلطات الاستعمارية الفرنسية تحرم على الجزائريين مطالعة الكتب وافتتاح المدارس، محاولة بذلك القضاء على الكيان الجزائري بالعمل على إفقار الأهالي وتركهم فريسة الجهل.
وقامت في الوقت ذاته بفتح بعض المدارس الفرنسية، وشجعت المبشرين على بذل كل ما يستطيعون لتنصير الجزائريين، ولم تترك لهم من الحرية إلا أن يموتوا جوعا كما يقول المستشرق المنصف جوستاف لوبون [١] .
وكان الجنرال بيجو أحد القواد الفرنسيين المستعمرين يجمع اليتامى من أطفال الجزائر ويأتي بهم إلى الكردينال (لافيجري) ويقول له: حاول أن تجعل هؤلاء الأطفال مسيحيين، وإذا فعلت ذلك فلن يعودوا إلى دينهم ليطلقوا علينا النار، وكان لافيجري يقول: علينا ان نجعل من الأرض الجزائرية مهدا لدولة مسيحية تضاء أرجاؤها بنور الإنجيل.. تلك هي رسالتنا.
وقد حرصت فرنسا على تشييد الكنائس الضخمة في كثير من المدن الجزائرية، وحولت بعض المساجد إلى كنائس أو دمرتها.