قلت: ذكر أن أملَّ يُمِلّ لغة الحجازيين، وأمْلى يُمْلي لغة [تميم] [٨٠] .
١١- حديث: "لمّا كان يومُ الفتْح قال رجل: لا قُريْشَ بعْدَ اليوم" [٨١] .
[دخول لا النافية للجنس على المعرفة]
قلت: هو من مشاهير الأحاديث التي تكلمت النحاة على تخريجها، لدخول "لا"فيه على المعرفة، وبنائها معها على الفتح، وذلك على خلاف القاعدة. ومثله قول عمر بن الخطاب "قضية ولا أبا حسنٍ لها"في أشياء أخر. ونسوق كلام النحاة في ذلك.
قال ابن مالك في شرح الكافية: "يُتَأوَّل العلم بنكرة فيجعل اسم لا مركباً معها إن كان مفردًا, كقول الشاعر:
نكِدْن ولا أميَّة في البلاد [٨٢]
أرى الحاجاتِ عنْدَ أبي خُبيْبٍ
وكقول آخر:
لا هَيْثَمَ الليلةَ للمطيِّ [٨٣]
ومنصوباً بها إن كان مضافاً، كقولهم: قضيةٌ ولا أبا حسن لها [٨٤] . ولابدَّ من نزع الألف واللام مما هما فيه، ولذلك قالوا: ولا أبا حسنٍ، ولم يقولوا: ولا أبا الحسن. فلو كان المضاف مضافاً إلى ما يلازمه الألف واللام [كعبد الله] [٨٥] لم يجز فيه هذا الاستعمال [٨٦] .
وللنحويين في تأويل العلم المستعمل هذا الاستعمال قولان: أحدهما أنه على تقدير إضافة "مِثْل"إلى العلم، ثم حُذف "مِثْل"فخلفه المضافُ إليه في الإعراب والتنكير. والثاني أنه على تقدير: لا واحد من مسمّيات هذا الاسم. وكلا القولين غير مرضي، أما الأول فيدل على فساده أمران: أحدهما التزام العرب تجرد المستعمل ذلك الاستعمال من الألف واللام، ولو كانت إضافة "مثل"منوية لم يحتج إلى ذلك. الثاني: إخبار العرب عن المستعمل ذلك الاستعمال بمثل، كقول الشاعر:
برئ من الحُمَّى سليمُ الجوانح [٨٧]
تُبكّي على زيْدٍ ولا زيْدَ مِثْلهُ
فلو كانت إضافة "مثل"منوية لكان التقدير: ولا مثل زيد مثله. وذلك فاسد.