إنه فصل من كتاب (مثل عليا من القضاء في الإسلام) لمؤلفه الأستاذ محمود الباجي المستشار بمحكمة الاستئناف بتونس عرض فيه فصولا رائعة وصورا حية من قضايا إسلامية من العصر الأول بأسلوب جذاب، والتزم بتقديم الحكم والواقعة في تصوير بديع رائع يتفق مع الأساليب العصرية التي يرتاح إليها قراء اليوم، وقد يكون موضوع الواقعة ونص الحكم لا يتجاوزان الأربعة أسطر من كتاب (الطرق الحكمية) أو (إعلام الموقعين) للعلامة ابن القيم الجوزية كما يشير إلى ذلك هو في مقدمة الكتاب.
قدم للكتاب قاضيان من قضاة تونس الأول هو الشيخ محمد الهادي بن القاضي رئيس الدائرة الاستحقاقية بمحكمة الاستئناف، والثاني هو الشيخ محمد الهادي المدني رئيس دائرة الأحوال الشخصية قال عنه الأول:"في هذا السفر الصغير الحجم الغزير المحكمية والمثل الرائع عينة طيبة من مشاكل القضاء الإسلامي في مختلف العصور الإسلامية الزاهية، وفي أرقى العواصم البارزة، وإننا بحاجة لأن نستلهم من أمجادنا القضائية ما يعزز مواقفنا ويحرر عقولنا وأفكارنا مما ران عليها طيلة عهد الاستعمار البغيض، فأورثها عقدة مركب النقص ومرض الزهد في النفس بأثره الخطير ونتائجه الفاجعة، وإن واجبنا اليوم أثقل وأخطر من واجبنا بالأمس.. "الخ.
وقال عنه الثاني:"أيها القارئ الكريم.. وإنها لمثل رائعة من قضاء الإسلام أعرضها عليك في ديباجة مشرفة وإحاطة مدققة، مما أعاد للذاكرة سؤدد العالم الإسلامي وعظمته أيام كان القضاء يفجر أخلد المبادئ وأشملها، وأوفى مظاهر القسطاس وأكملها، بما جعل الكثير من خصوم الإسلام يتسابقون في بعض البلاد للتقاضي لدى قضاة الإسلام ثم لا يجدون حرجا فيما يقضي به عليهم ويسلمون تسليماً".