للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُعْطِيَةُ الأمَان مِن حِنْثِ الأيمان

تأليف

عبد الحي ابن العماد الحنبلي

حقَّقَهُ وَعَلَّقَ عَلَيْهِ

الدكتور/ عبد الكريم بن صنُيْتَان العمري

أستاذ مشارك بكلية الشريعة

بالجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسّلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فإنّ مذهب الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - يعتبر من أكثر المذاهب الفقهية التيِ خُدِمت في مجال التأليف والتصنيف، فلقد اعتنى الحنابلة بمذهبهم عنايةً فائقة، وأوْلَوه اهتماماً خاصاً وفريداً في هذا الشأن، ابتداءً من تلاميذ الإمام الذين دوّنوا عنه كثيراً من المسائل الفقهية التي أخذوها عنه مباشرة، فأفردوها بمصنفات مستقلة عرفت بـ (المسائل) ، حتى وصلت إلينا مهذبة منقحة، كمسائل ولديه عبد الله وصالح، ومسائل أبي داود، وابن هانئ وغيرهم، ثم دوَّن المجتهدون في المذهب- بعد ذلك- مصنفاتٍ أخرى مستقلة على طريقة الفقهاء، شملتْ جميع أبواب الفقه، وذلك بذكر أقوال الإمام في المسألة، ونقل الروايات المتعددة عنه، وذكر الصحيح المعتمد منها، مع النص على أقوال مجتهدي المذهب في بقية المسائل الأخرى التي لم يُنقل فيها عن الإمام قول.

فكان نتيجة لذلك أن دوّنت في المذهب المصنفاتِ المطولةَ والمختصرةَ على اختلاف طريقتها، فمنها ما اقتصر فيه مصنفوه على ذكر الأقوال وأدلتها في المذهب فقط، ومنها ما شمل غيرَه من المذاهب الفقهية الأخرى، مع الإشارة إلى أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء المبرّزين.