للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من آثار معركة بدر

بقلم الأستاذ: أحمد محمود الأحمد

المدرس في كلية الدعوة وشعبة اللغة بالجامعة الإسلامية

لقد كانت معركة بدر معركة (فاصلة) حقا، لأنها غيرت مجرى الأحداث بعدها أيما تغيير، وتركت آثارها البعيدة بل الحاسمة في قريش وفي المدينة، وفي قبائل العرب ولاسيما المحيطة بها، وناهيك بآثارها في مستقبل العالم كله.

أولاً: آثار بدر في قريش.

لقد كانت الآثار التي تركتها بدر في قريش متعددة النواحي، ومن أبرزها ما يلي:-

أ: الناحية النفسية:

١- كانت معركة بدر ضربة موجعة مفاجئة لقريش، هزتها من الناحية النفسية هزا عنيفا وأشعرتها أن المسلمين أصبحوا قوة غالبة وأنهم مؤيدون بقوة أخرى لا يستطيعون حيالها شيئاً، وجعل بعضهم يعتذر بهذه القوة عن هزيمتهم، يقول أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب، وقد سأله أبو لهب عما حصل في بدر: "والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالاً بيضاً على خيل بلق بين السماء والأرض، الله ما تليق شيئاً ولا يقوم لها شيء" [١] ولا شك أن مثل هذا الكلام، وما ينطوي عليه من اعتراف بتأييد المسلمين بقوة غير عادية - وهي الملائكة - ليدلان على مبلغ اهتزاز نفسية قريش نتيجة معركة بدر العظيمة.

٢- لقد أذهلت نتائج بدر رجالات قريش، حتى الذين لم يحضروا المعركة وأذلتهم يدل على ذلك أنه لما قدم الحيسمان بن عبد الله الخزاعي مكة بهذه النتائج، وجعل يعدد أشراف قريش الذين قتلوا، ذهل القوم، وشكوا في صدقه بل في عقله [٢] فقال صفوان بن أمية ابن خلف: والله إن يعقل هذا فسلوه عني، فقالوا: ما فعل صفوان بن أمية؟ قال: هو ذاك جالساً في الحجر، والله لقد رأيت أباه وأخاه حين قتلا.