ولما كان هذا النوع من أنوع التوحيد هو مناط الإيمان بالله وحده، وإخلاص العبادة له {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}(الزمر الآية ٣){وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(البينة الآية ٥) ، فقد أفصح عنه القرآن الكريم كل الإفصاح، وأَبدا فيه وأعاد وضرب لذلك الأمثال المحسوسة والمشاهدة التي يعيشها المخاطب ويتعامل معها بعقله ومشاعره لذا نجد في كل سورة من سور القرآن الكريم الدلالة على هذا التوحيد إذ أن الخصومة بين الأنبياء وأممهم إنما كانت في هذا النوع من أَنواع التوحيد، فالشرك الذي حدث من جميع الأمم إنما كان في هذا النوع.
أما توحيد الربوبية والتي سبقت الأدلة الواضحة عليه من القرآن الكريم فعامة مشركي الأمم مقرين بالخالق إلا من فسدت فطرته فانحرف عن خط العقلاء، ولكنهم مع إقرارهم به أشركوا معه غيره يقول عزمن قائل:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}(الزخرف الآية: ٨٧) .
أما توحيد الألوهية: فقالوا عنه {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}(ص الآية: ٥) ، ومن أجل ذلك تتابعت الرسل لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده، وترك ما يدعون من دونه. {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ}(فاطر الآية:٢٤){رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}(النساء الآية: ١٦٥) .