اهتم المسلمون في الفترة المعاصرة بأمر الاستشراق. وأخذوا يدرسون ويقرأون ما كتبه المستشرقون حتى يقفوا على حقائق الموضوعات التي درسوها وخاصية ما يتعلق بالسيرة النبوية العطرة.
وقد اتسع نطاق الاستشراق وتشعبت موضوعاته حتى شملت جميع موضوعات الدراسات الإسلامية، فتعرضوا لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ومع أَهله وفى ميدان الدعوة والجهاد، وبالرغم من أن وقائع السيرة النبوية قد لا تحتاج إلى كثير من الشروح والتفاسير والتعليقات فهي قد تحتاج إلى قدر معقول من تنسيق المادة الأولية وترتيبها. إلا أن هؤلاء المستشرقين استرضوا تلك الأخبار وعارضوها بآرائهم وأفكارهم ليصلوا إلى نتائج وأحكام متأثرة بعواطفهم وخلفياتهم الدينية، وسبب ذلك أَنهم اتبعوا منهجا خاصا وضعوه بأنفسهم إذ أنهم يبيتون فكرة مسبقة ثم يأخذون وقائع الأحداث ليأخذوا منها ما يؤيد فكرتهم ويستبعدوا ما دون ذلك فيتمسكون بالخبر الذي يؤيد رأيهم أو الذي يمكنهم تأويله حسب أغراضهم مهما كان ضعفه [١] .
وخطورة الأمر تنجم من كثرة حجم التأليف عند هؤلاء حتى غزوا بهذا الحجم الكبير أفكار الناس في الشرق والغرب. ففي القرن التاسع عشر والقرن العشرين كما يذكر (جب وباون)[٢] اللذين تفرغا فترة لمراجعة المخطوطات التركية والعربية، إنه بالرغم من ضخامة التأليف في موضوعات هذه المناطق إلا أَن بعضها عديم القيمة بسبب ما بها من قصور واضح، كنقص الخبرة الوثيقة بالموضوع أو جهل بلغة البلاد أو اعتماد بعض الكتاب (ويقصد كتاب الغرب) على السماع المشكوك في صحته أَو عدم الدراية بالأساس التاريخي [٣] .