قوله تعالى:{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} : لا يخفى ما يسبق إلى الذهن فيه من رجوع الضمير إلى الرب والضمير بصيغة الجمع والرب جلّ وعلا واحد.
والجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: وهو أظهرها أن الواو لتعظيم المخاطب وهو الله تعالى كما في قول الشاعر.
ألا فارحموني يا إله محمد
فإن لم أكن أهلاً فأنت له أهل
وقول الآخر:
وإن شئت حرمت النساء سواكم
وإن شئت لم أطعم نقاخاً ولا برداً
الوجه الثاني: إن قوله ربّ استغاثة به تعالى وقوله ارجعون خطاب للملائكة ويستأنس لهذا الوجه بما ذكره ابن جرير عن ابن جريح قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة "إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا نرجعك إلى دار الدنيا؟ فيقول إلى دار الهموم والأحزان؟ فيقول بل قدموني إلى الله، وأما الكافر فيقولون له: نرجعك فيقول: رب ارجعون"
الوجه الثالث: وهو قول المازني أنه جمع الضمير ليدل على التكرار فكأنه قال: رب ارجعني ارجعني ارجعني. ولا يخلو هذا القول عندي من بُعدٍ والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} هذه الآية الكريمة تدل على أنهم لا أنساب بينهم يومئذ، وأنهم لا يتساءلون يوم القيامة؛ وقد جاءت آيات أُخر تدل على ثبوت الأنساب بينهم كقوله {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} الآية ... وآيات أُخر تدل على أنهم يتساءلون كقوله تعالى:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} .