للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَة وَاحدَة

بقلم بنت الشاطئ

اليوم موعدنا مع الذكرى الحية لحرب رمضان الباسلة التي صححت موازين القوى، ورفعت عناصر المذلة والعار.

أمتي تحتفل بها، وأنا ما أزال في حمى الحرمين الشريفين معتكفة للعبادة والدرس، لا أشعر بغربة عن وطن ودار.

بل الشعور الراسخ أننا على تباعد الديار وتنائي الأقطار: أمة واحدة.

فهنا في منزل الوحي ودار المبعث؛ قبلة أمتنا ومثابة حجنا ومهوى أفئدتنا، وهنا، في الحرم المدني؛ دار هجرة نبينا المصطفى صلى اله عليه وسلم، ومسجده وبيته، ومئواه ومزراه..

ومن هنا: كان بدء تاريخ أمتنا، ومنطلق كتائب الفتوح التي حملت لواء الإسلام إلى الآفاق من مشرق ومغرب..

في ربيع ١٩٦٩م، كنت في زيارتي الأولى لباكستان، أقف خاشعة حيث عبر (القاسم بن محمد الثقفي) باللواء من خراسان إلى وادي السند، في سنة ٩٤هـ

وفي خريف السنة نفسها - ١٩٦٩ - كنت في ربوع المغرب أقف خاشعة تجاه مضيق جبل طارق، حيث عبر المجاهد المغربي وجنده بلواء الإسلام إلى الأندلس، سنة ٩٢هـ.

فلم ينتهي القرن الأول للهجرة، إلا ومجال النور البازغ من غار حراء، قد امتد من هضبة الدكن وساحل بحر الهند، إلى قمم الأطلسي وحافة بحر الظلمات.

في باكستان، كنا نحتفل عامئذ بمهرجان (شاعر محمد إقبال) .

وفي المغرب، كنا نتدارس في (فاس) تأسيس جامعة للجامعات الإسلامية، ثم نشهد مؤتمر القمة الإسلامي بالرباط.

وهناك وهناك، تفتح الجلسات باسم الله.

ويرتفع أذان الصلاة من ألوف المآذن، فيستقبل الملايين القبلة الواحدة شطر المسجد الحرام.

وتعلو كلمة (الله أكبر) .

فتعطي تاريخنا الإسلامي تفسيره ومنطقه.

وتستقطب سائر العوامل المؤثرة في حركة التاريخ، مادية وسياسية واجتماعية وثقافية ...