بقلم الشيخ رمضان أبو العز: المدرس بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة
لم يختل ميزان المنطق كما اختل في أيامنا هذه، وانك لتستمع إلى كثير من الناس فيتهيأ لك أنك في حظيرة ببغاوات لا تعي مما تنطق شيئا أو تحسب أنك في بيمارستان حيث لا قواعد تلتزم ولا أصول تراعى٠
فمن الناس من يشتط في المكابرة فليجأ إلى المنطق المقلوب بمعنى أنه يرميك بما هو شائع فيه هو، متواتر عنه, فهذا أبو جهل قبحه الله يرمي خير البشر عليه الصلاة والسلام بأنه قاطع الرحم وذلك حيث يقول يوم خرج لبدر:"اللهم أقطعنا لرحمه فأحنه الغداة"يقصد اللعين أن قاطع الرحم إنما هو محمد عليه الصلاة والسلام وهل حض على صلة الرحم على توالي الأزمان وكر الأعصر كمحمد صلى الله عليه وسلم؟، ونسي اللعين أنه وثلثه من زعماء الشرك كانوا هم الذين سموا محمدا صلى الله عليه وسلم قبل البعثة الصادق الأمين فكان الرد الإلهي على استنصاحه أن استجاب دعاءه فأدركه الحنين الغداة كما طلب٠ وفي ذلك نزل قوله تعالى:{إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}
وقد عبر الشاعر العربي عن المنطق المقلوب بقوله:((رمتني بدائها وانسلت)) وقالت العامة في هذا المعنى: ((تدهيك وترزيك واللي فيها تجيبوا فيك))
ومن المنطق المقلوب قول الاشتراكيين وزعمائهم بوجه أخص عن مجتمعهم انه مجتمع ((الحرية والرخاء والتنمية)) وما إليها في حين لم تشهد الدنيا أشد تضييقا وكبتا من مجتمعاتهم ولا أشد فقرا وتعاسة منها ويسمون أنفسهم أهل السلم والسلام وهم هم أهل الشغب والفوضى والإيغال في الدماء البريئة٠
وأخيرا، وليس آخراً قالوا إن مجتمعهم إنما هو مجتمع الكفاية والعدل ولم نر أشد جورا وظلما وأبعد عن الكفاية منهم ولذلك علقت النكتة المصرية على هذه الكفاية والعدل بقولهم:((انهم يكفون الناس على وجوههم ثم يقيموهم استعدادا للكفي مرة وثانية وثالثة))