مما لا شك فيه أن سعادة الإنسان مرتبطة بعقله. والعقل من الإنسان كالقطب من الرحى أو الشمس من الكون أو الروح من الجسد.
به يعرف الخير من الشر والضار من النافع والهدى من الضلال، وبه رفع الله شأن الإنسان. ففضله وكرمه على كثير من خلقه. خاطبه وكلفه واستخلفه في الأرض وجعله مسئولاً أمامه عما يأتي: وعما يذر.
وحفظاً لهذه النعمة الكبرى حرم الله عليه أن يندفع مع شهوته الفاسدة إلى تناول ما يفسد تلك النعمة أو يضعفها. فيحرم من آثار الطيبة وينزل عن المكانة السامية التي وضعه الله فيها.
ومن أجل ذلك حرم الله عليه الخمر.
التدرج في تحريمها:
وقد كان الناس يشربون الخمر حتى هاجر الرسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فكثر سؤال المسلمين عنها وعن لعب الميسر لما كانوا يرون من شرورهما ومفاسدهما. فأنزل الله عز وجل:
أي أن في تعاطيهما ذنباً كبيرا. لما فيهما من الأضرار والمفاسد الجسدية والدينية. وأن فيهما كذلك منافع للناس. وهذه المنافع مادية وهي الربح بالاتجار في الخمر وكسب المال دون عناء في الميسر. ومع ذلك فإن الإثم أرجح من المنافع فيهما. وفي هذا ترجيح لجانب التحريم وليس تحريماً قاطعاً، وتسابق الكثير إلى تركها اكتفاء بترجيح المعنى للترك.
ثم نزل بعد ذلك التحريم القاطع أثناء الصلاة تدرجاً مع الناس الذين ألفوها وعدوه جزءاً من حياتهم قال الله (سبحانه وتعالى) :