الفتوحات الإسلامية التي شملت أكثر الأقاليم المعروفة في العالم ولسير الفاتحين المسلمين الذين حملوا إلى أمم العالم رسالة الإسلام وتعاليم الشريعة المحمدية الغراء ميزة خاصة على الفتوحات غير الإسلامية التي سبقت الإسلام منذ أقدم العصور أو تلته في العصور المتأخرة على يدي أعداء الإسلام ومناوئيه.
فلقد كان القواد الإسلاميون يهدفون في حروبهم وفتوحاتهم إلى تحرير الأمم وإخراج الشعوب من عبادة الخلق إلى عبادة الخالق، ومن ذل الكفر إلى عز الإيمان، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. كان هذا هو شعار الفاتحين المسلمين في جميع أقطار العالم. قال ذلك ربعي بن عامر أمام كسرى في المدائن، وأروا العالم ذلك عمليا في عدلهم مع الشعوب المغلوبة على أمرهم، ورفقهم بالأسرى في الحروب والفتوحات.
ولكي يظهر الفرق بين سير الفاتحين المسلمين وغير المسلمين، والفارق بين معاملة الفاتحين المسلمين وغير المسلمين مع الشعوب، ولكي يتضح عدل الإسلام والمسلمين ندرس تاريخ بيت المقدس هذه المدينة الإسلامية التي أصبحت الآن ضائعة مهانة تحت أقدام اليهود الغاصبين. هذه المدينة العتيقة من أقدم المدن المعروفة وأكثرها أهمية لدى أهل الأديان السماوية. ولا يعرف التاريخ منذ أقدم العصور مدينة تعرضت للغارات والفتن والتخريب مثل ما تعرضت لها مدينة القدس رغم كونها غير ذات أهمية كبيرة من الناحية التجارية والاقتصادية.