للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسائل لم يحملها البريد

للشيخ عبد الرءوف اللبدي

أستاذ مساعد بكلية الشريعة

أختي العزيزة: (هل) :

سوف أحدثك في هذه الرسالة السادسة عشرة عن همزة الاستفهام الداخلة على الفعل الماضي (رأى) :

لقد وردت في القرآن الكريم على أربعة أساليب: أسلوب {أَرَأَيْتَ} وأسلوب {أَرَأَيْتَكَ} ، وأسلوب {أَرَأَيْتُمْ} ، وأسلوب {أَرَأَيْتَكُمْ} .

وقد ذهب سيبويه وجماعة من النحاة إلى أن أرأيت في أساليبها المختلفة إذا جاءت بمعنى أخبرني كانت علمية تنصب مفعولين: المفعول الأول ملتزم فيه النصب، ولا يجوز فيه الرفع على اعتبار تعليق أرأيت، لأن أرأيت بمعنى أخبرني، وأخبرني لا تعلّق، فكذلك ما كان بمعناها، أما المفعول الثاني فجملة استفهامية.

وتفسير (أرأيت) بمعنى أخبرني تفسير معنى لا تفسير إعراب، لأن أخبرني تتعدى بعن فتقول أخبرني عن زيد، أما أرأيت فتتعدى بنفسها إلى مفعوله به صريح، وإلى جملة استفهامية هي في موضع المفعول الثاني.

وقد اعترض على سيبويه كثير من النحاة وخالفوه وقالوا كثيرا ما تعلق (أرأيت) ، وفي القرآن الكريم كثير منه، كقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الآية٤٠) الأنعام.

وذهب أبو الحسن الأخفش (١) إلى أن {أَرَأَيْتَ} قد تخرج عن معنى أخبرني في بعض أساليبها، فتكون بمعنى أَمّا، أو تنبّه، ولا تنصب مفعولا به ولا مفعولين، ومن ذلك قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوت} (الآية٦٣) الكهف. فأرأيت هنا (على رأي أبي الحسن) بمعنى أمّا أو تنبِّه.


(١) البحر المحيط: جـ ٦ ص١٤٦.