للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}

للشيخ أبي بكر الجزائري

رئيس قسم التفسير بالجامعة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: إنها مناسبة طيبة أن يصدر هذا العدد من مجلة الجامعة الإسلامية لثلاثة شهور مباركة: رجب وشعبان ورمضان، وأن يكون في كل شهر منها ليلة مباركة وهي ليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وليلة القدر من رمضان.

وإنا بعد تفسير هذه الآية المباركة تفسيراً موجزاًَ نتحدث مع القراء الكرام على الشهور الثلاثة ولياليها المباركة، والتي ذهب كل شهر مبارك بواحدة منها، فكانت ليلة الإسراء في رجب الأصب، وليلة النصف في شعبان، وليلة القدر في الوتر من أواخر رمضان.

قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} :

هذه الآية المباركة هي جواب قسم لله تعالى في قوله: {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} ويلاحظ أنه عز وجل أقسم بالقرآن- إذ هو المراد من الكتاب المبين- على إنزاله له في ليلة مباركة.

واقتضى المقام الإقسام على هذا الخبر لأن مشركي العرب وبخاصة مشركي مكة أنكروا أن يكون القرآن الكريم وحياً أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبالغوا في الإنكار والجحود حتى قالوا فيه: إنه أساطير الأولين، وإنه سِحْرٌ يُؤْثَر. فاقتضى المقام الإقسام جرياً على أساليب العرب في مخاطبتهم، فالشاك في صحة ما يلقى إليه من الخبر يؤكد له بأداة من أدوات التوكيد كإن والقسم: ليطمئن قلبه إلى صدق المخبر وصحة ما أخبر به.