الحمد لله رب العالمين الذي منّ على عباده بدينه القويم، والصلاة والسلام على نبيه الأمين سيد العالمين وعلى آلة وصحبه وثمن تبعه إلى يوم الدين.
جذور العداء بين المسلمين والنصارى:
منذ أن منّ الله تعالى على خلقه بنبي الرحمة وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء هاديا ومبشرا ونذيرا، ومنذ أن أضاء نور الإسلام جزيرة العرب، ولامست أشعة نوره جوارها من بلاد العراق والشام ومصر والحبشة، اتخذ منه النصارى واليهود موقفا معاديا، فتقولوا عليه الأقاويل، ونالوا منه أبشع نيل، وحاربوه بألسنتهم وسيوفهم وبذلوا في سبيل ذلك جهدهم.
{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[١] فعمت الدعوة الإسلامية العراق والشام ومصر وشمال إفريقيا في سنوات معدودة، وزال عنها نفوذ النصرانية ودخل جل أهلها في الإسلاَم. وقبل ذلك زالت اليهودية من الجزيرة العربية فقبعت مذمومة مدحورة في قلوب أهلها.
ولهذا تأججت الأحقاد في قلوب النصارى، ولم تزد الأيام حقدهم وكرههم للإسلام والمسلمين إلا اشتعالا، حيث لم تجد فيهم نظرة الإسلام السمحة إلى الديانات السماوية ومعتنقيها، واعترافه بأنبياء الله عموما، وما لاقاه أهل الذمة تحت ظل الإسلام في المشرق، والمغرب من إحسان ورعاية وعدل، وما تمتعت به مقدساتهم من رعاية وحماية واحترام، وما وفرته الدولة الإسلامية من أمن وحماية لحجاجهم. {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[٢] .