وزاد العداء النصراني حدة بازدياد ما حققه الإسلام من توسع على حساب النصرانية، حيث غزاها في عقد دارها في أرمينية وآسيا الصغرى والأندلس بل وعبر البحر إلى جزر بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) وجنوب فرنسا وإيطاليا، وهدد أكثر من مرة باجتياح عاصمتها الشرقية (القسطنطينية) خصوصا في عهد الأتراك السلاجقة، حيث تمكن سلطانهم المسلم ألب أرسلان من أن يهزم رأس نصارى الشرق- الإمبراطور رومانوس البيزنطي- في معركة ملاذكرد عام ٤٦٣ هـ (١٠٧١ م) وأن يهدد العاصمة نفسها.
ففقدت أوروبا صوابها، وبادرت بشن حرب صليبية بشعة حاقدة، اكتوى بنارها الشرق والغرب مسلمون ونصارى، قرابة قرنين من الزمان، توجوا خلالها انتصاراتهم بالاستيلاء على القدس من المسلمين، وإقامة مملكة صليبية دامت قرابة القرن، على أشلاء سبعين ألف مسلم من سكانها لم ينج منها مخبَّر.
قيض الله للمسلمين الناصر صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، ومن خلفوه من أيوبيين ومماليك، جاهدوا في الله حق جهاده، حتى اندحر الصليبيون دون أن يحققوا أهدافهم، ولم يبق منهم إلا جيوب هنا وهناك في صور، وقبرص، وغيرهما، تعلقوا بآمال واهية ارتبطت باحتمال مساعدة أوروبية صليبية أو مغولية وثنية تعيد إليهم ما فقدوه.
ظهور المغول:
وفي هذه الأثناء التي انحطت فيها قوى الصليبين في المشرق وأوروبا- ما عدا الأندلس حيث كانت هجماتهم على أشدها- ظهرت قوة طاغية جبارة في المشرق تتفجر عنفا ورغبة في سفك الدماء - أي دماء -[٣] هي قوة المغول. وقد نشأوا في هضبة مغوليا بشمال صحراء جوبى، في أواسط آسيا ما بين جنوب سيبريا وشمال التبت وغرب منشوريا وشرق التركستان. بين جبال التاي غربا وجبال خنجان شرقا [٤] .