أستاذ مشارك بقسم التاريخ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:
فما من زمن تفرق فيه المسلمون، وضعفت شوكتهم، وتكالب عليهم أعداؤهم، إلا ووفى الله تعالى للمؤمنين بوعده في حفظ دينه، فيسر لهم من يجمع شملهم، وبقيل عثرتهم، ويقودهم إلى مجاهدة عدوهم.
والمماليك البحرية نموذج لمثل هؤلاء الذين وفقهم الله للدفاع عن الإسلام وبلاد المسلمين، فتمكنوا مِن رد الخطر المغولي الماحق، ومن تطهير البلاد من بقايا الصليبيين. فلله الحمد أولاً وآخراً.
المماليك:
يطلق اسم (المماليك) اصطلاحا، على أولئك الرقيق- الأبيض غالبا- الذين درج بعض الحكام المسلمين على استحضارهم من أقطار مختلفة وتربيتهم تربية خاصة، تجعل منهم محاربين أشداء، استطاعوا فيما بعد أن يسيطروا على الحكم في مصر وأحيانا الشام والحجاز وغيرها قرابة الثلاثة قرون من الزمان ما بين ٦٤٨-٩٢٢ هـ (١٢٥٠-١٥١٧م) .
وكلمة (مماليك) : جمع مملوك، وهو الرقيق الذي يباع ويشترى، وهي اسم مفعول من الفعل (ملك) ، واسم الفاعل (مالك) والمملوك هو عبد مالكه، ولكنه يختلف عن العبد الذي بمعنى الخادم. كما أن كلمة (مماليك) تختلف في معناها عن كلمة (موالي) التي مفردها (مولى) ، والتي تعني- اصطلاحا- عند المؤرخين المسلمين: كل من أسلم من غير العرب. فالموالي قد يكون أصل بعضهم من أسرى الحروب الذين استرقوا ثم أعتقوا، أو من أهل البلاد المفتوحة الذين انضموا إلى العرب فصاروا موالي بالحلف والموالاة.