بين يدي الطريق أستعرض مع السالكين الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم، ليعلموا مدى الحجة الماسة إلى سلوك هذا الطريق، وأنه لا خيار لهم في ذلك متى أرادوا النجاة لأنفسهم، وللأجيال الآتية بعدهم.
إن المسلمين اليوم - دويلات كبيرة أو صغيرة، وأقليات كثيرة أو قليلة - يعيشون واقعاً مراً لا يغبطون فيه، ولا يحسدون عليه.
وهذه لمحات خاطفة نلقيها على هذا الواقع المر ونكتفي بها عن الاستعراض الشامل، والعرض التفصيلي الذي لا يزيد القلب إلا كمداً وحزناً، والنفس إلا ألماً وحسرة.
١ - في بلاد العرب:
إن العرب وهم الذين قد اختير آباؤهم السالفون لحمل رسالة الإسلام، وإبلاغها إلى الناس كافة، لينجوا بها، ويسعدوا عليها، وفعلاً فقد حملوها وبلغوها، ونجت بها، وسعدت عليها أمم كثيرة، ولا ينكر هذا إلا جاهل، أو مكابر، جاحد.
لكن هؤلاء العرب الأحفاد قد مزقتهم الأهواء، وعبثت بهم أيدي الأعداء، فتمكن منهم الحانقون على الإسلام، الناقمون منه من كل قوى الشر في الأرض، فسلخوهم من الإسلام، وأبعدوهم عن ساحته، وقد كان درعهم الواقي، وحصنهم المنيع، ومصدر قوتهم الروحية والمادية معاً، فتنكروا - مع الأسف- له، وأصبحوا حرباً عليه من حدثهم عنه ازدروه واحتقروه، ومن دعاهم إليه أخافوه، وعذبوه أحياناً، ونكلوا به.
تقاسمت هؤلاء العرب الأحفاد - الأهواء، ومزقتهم الشهوات، فتفرقوا أيادي سبأ، فأصبحوا لذلك سخرة لأعداء الإسلام وأعداءهم، يسخرونهم كما شاءوا، ولما شاءوا، حتى قال قائل [١] منهم مؤخراً:"يجب أن نحافظ على توازن النفوذين الأمريكي والروسي في المنطقة "أي في بلاد العرب، فيا للعجب! ! !