وداعاً. . يا أماه!
بقلم سفر بن عبد الرحمن الحوالي
الطالب بكلية الشريعة بالجامعة
سكن الوجود ولم تنم عيناه.
ومضى الهزيع وحظه ينعاه.
في خيمة نصب الشقاء حبالها.
والهمّ فيها قد أطال سراه.
والنجم في نهر المجرة خافق.
كفؤاده حين ادّكار أساه.
واساه في السهر الطويل وليته.
فيما أصاب فؤاده واساه.
يتذكر الخطب الأليم إذا غفا.
فتشب نار الحزن من ذكراه.
خطب ألمّ وما أشد خطوبه.
سرقت عليه شبابه وصباه.
والرعب يعشي ناظريه وقد بدت.
تلقاءه أشباحه ورؤاهُ.
لا صبر لا سلوان يربط قلبه.
لا صاحبٌ يشكو إليه نواه.
لم يبق غير حنان أمٍ برة.
من بعد ما قتل العداة أباه.
مسحت بأنملها الرقيقة دمعه.
وبكت بحزن لا يُحدّ مداه.
وتوسّلت: نم يا بني، وما مضى.
ولّى وآن الآن أن تنساه.
فتنهد القلب المعذّب قائلاً.
كُفّي _ هداكِ الله _ يا أماه.
هل تذكرين سقوط مسجد قريتي.
وبه أُبينت أذرعٌ وجباه.
أو تذكرين القدس كنت أزورها.
واليوم طافت حولها الأشباه.
أو تذكرين الكوخ: كوخ جدودنا.
إذ أضرم الأعداء فيه لظاه.
أو تذكرين النهر: نهر حقولنا.
إذ غيّروا عن أرضنا مجراه.
أماه، هل أنسى رفاق طفولتي.
في موطنٍ تحنو عليّ رباه.
إذ نحن نجني من زهور حقوله.
ونبل أنفسنا ببرد نداه.
ونسير والأفراح تكتنف الربّا.
ما بين لطف نسيمه وصباه.
ونظل بين رياضه ومياهه.
تشدو القلوب وتنشد الأفواه.
لا والذي بالقدس شرف أرضه.
ما كان لي يا أمّ أن أسلاه.
لا والذي بالطهر أنقى تربه.