إلى الذين فتح باب القول وأغلق عليهم باب العمل، إلى الذين يظنون أنهم مظلومون وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون إلى الذين يكاد لهم نهاراً، ويدب لهم علانية، ويتآمر على إذلالهم وسحقهم جهرة، وهم في غفلة لاهون. إلى الذين يطلبون العزة من غير سبب، والنصر من غير جهد والغنى من غير سعي، والنهوض من غير طاقة.
إلى الذين يقولون: أين العزة التي كتبها الله لنا على نفسه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} والوعد الذي أنزله الله في كتابه: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} والتمليك الذي سجله الله في آياته {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} إلى الوارثين الذين ملك آباؤهم أقطار الأرض وملأوها علماً وحضارة بإيمانهم وجهادهم وعقلهم وعملهم ثم جاءوا من بعدهم فبددوا ما ورثوا، وجهلوا ما عملوا، وكان أمرهم فرطاً. إلى الذين يأكلون ويلبسون ويركبون مما صنع غيرهم ولا يدرون كيف كان إعداد ما أكلوا، ولا نسج ما لبسوا، ولا تصميم ما ركبوا، يستهلكون ولا ينتجون. إلى الذين يحلمون ولا يستيقظون، ويتمنون ولا يعملون، ويرددون:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس} ولا يذكرون: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه} .