في ذكرى أعظم ليلة أهلت على الوجود, ليلة القدر العظمى في ليلة السابع والعشرين من رمضان الماضي, فتحت المذياع لأرى ما شأن المسلمين, وكيف يواجهون الأحداث, وبوجه أخص بعد النكبة النكباء التي ألمت بهم, فسمعت احتفالا أقيم في مسجد من أكبر مساجد الشرق الأوسط فماذا سمعت؟
وفد على المسجد الآلاف تتلوها الآلاف يهيأ إليك من احتكاك أقدامهم وانتشار همسات أصواتهم أن العدد قارب المليون, ولا بد أنّ الأضواء كانت لألأة أخاذة, وبعد قليل حضر جوهر الحفلة ولوائها, وهو مقرئ شهير فاستهل التلاوة بقوله تعالى:{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} , برزانة وتؤدة, فلم يكن هناك إنصات ولا استماع, ثم عدَّل المقرئ طريقته, وابتدأ التنغيم والتقطيع على مقاطع الغناء, فعلت أصوات الاستحسان الصاخبة من كل جانب (الله، الله يا سي الشيخ) ثم إذا صوت عال يصيح: (صلي على النبي) مادّاً في الياء, علامة على الطرب, فاستجاب المقرئ, فكان يعيد الآيات التي نالت الاستحسان أربع مرات أو تزيد, علمت أن القوم إنما جاءوا ليستمعوا إلى حفلة طرب وغناء, والذي أكد هذا المعنى أنّ المقرئ حين وصل إلى قوله تعالى:{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا} وقف المقرئ على {يَا وَيْلَنَا} , فإذا الآلاف المؤلفة تصرخ دفعة واحدة الله، الله أعد! .. وهكذا فعلوا بعد آيات العذاب..