الشباب زهرة الحياة وطور النضوج والإنتاج. وهو أعز ما يتمناه المرء إذا فقده. قال الشاعر يشكو المشيب للشباب:
فأخبره بما فعل المشيب
ألا ليت الشباب يعود يوماً
ولكن هيهات هيهات! فينبغي للشاب أن يغتنم هذه الفرصة الثمينة من العمر لأن الحق جل وعلا سيسأله عن شبابه فيم أفناه، ليس بينه وبين الله سبحانه وتعالى ترجمان. إن الأمم التي بادت واندثرت في الدنيا، فلم يبق لها أثر، ما بادت واندثرت بمعنى انقطاع جنسها، بل إنها بادت بمعنى أن كيانها الذي يضمن لها البقاء مع الرفعة والعزة، انهار وزال من الوجود. وزيادة في الإيضاح أقول: إن الحضارة التي كان أهلها يرفعون لواءها امحت خصائصها وذهبت سماتها المميزة هباء منثورا. أما جيلها - الذي جاء بعدها - فهو لا يزال يتناسل ويتوالد إلا أن شخصيته ومدنيته امحت بسبب رئيسي وهو أن الأجيال التي توالت، فقدت الكفاية التي تستطيع بها نقل ما توارثته عن أسلافها إلى أخلاقها.
فأهمية العنصر الإنساني توزن بما بثه من وعي وقيم مُثلى فيمن بعده من الأجيال المتعاقبة. قال الشاعر: