للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخلاق الشباب المسلم

للدكتور: محمد تقي الدين الهلالي

المدرس في الجامعة

قال الله تعالى في سورة (الإسراء: ٧٠) : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} .

قال القاسمي في تفسيره: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} : "أي بالنطق والتمييز والعقل والمعرفة والصورة والتسلط على ما في الأرض والتمتع به, {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي يسّرنا لهم أسباب المعاش والمعاد بالسير في طلبها فيهما وتحصيلها {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} أي فنون المستلذات التي لم يرزقها غيرهم من المخلوقات {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} أي عظيما, فحقّ عليهم أن يشكروا هذه النعم بأن يعبدوا المتفضل بها وحده ويقيموا شرائعه وحدوده" اهـ.

فتفضيل الله للإنسان وتكريمه له بجعله الحاكم المتصرف، وتسخيره له ما في الأرض من حيوان ونبات وجماد يتصرف فيه كيف يشاء، ويسيّره في خدمته، لم يكن بقوة الجسم ولا بخواص الأعضاء، فإن كثيراً من الحيوان كالأسد والنمر والفيل والدب والفرس والبعير أقوى منه بكثير، وللحيوان مزايا في خلقه ليست للإنسان، فمنه ما أعطي مزية السرعة في الجري والسبق كالنعامة والغزال، ومنه ما أعطي من حاسة الشم أو البصر أو السمع ما يفوق الإنسان بكثير، فالمزية الكبرى والنعمة العظمى التي وهبها الله الإنسان وفضّله بها هي العقل والأدب كما قال الشاعر:

ما وهب الله لامرئ هبة

أفضل من عقله ومن أدبه

هما جمال الفتى فإن فُقِدا

ففقده للحياة أجمل به