في يوم السبت أول ذي القعدة سنة ١٣٩٩ هـ توفي الشيخ أبو الأعلى المودودي فكانت وفاته فاجعة أليمة أصابت المسلمين جميعاً في عالم عامل مجاهد، وإمام فذ، أثر في الجيل الإسلامي المعاصر تأثيرا عظيما، فقد دعا من شبه القارة الهندية إلى نهضة إسلامية على أسس علمية متينة، وأسس في الهند ثم في باكستان الجماعة الإسلامية على مبادئ الإسلام القويمة في قالب عصري سديد.
نشأته:
ولد المودودي في بلدة (أورنك أباد) بإقليم حيدر أباد الركن في الهند، وكان والده من العلماء الصالحين الذين امتهنوا مهنة المحاماة والدفاع عن المظلومين، فعني بتربية ولده وتثقيفه، فبدأ بتعليمه القرآن الكريم، واللغتين العربية والفارسية، والفقه والحديث، ولم تمض سنوات حتى كان أبو الأعلى الفتى الصغير قد حصل من العلوم في خمس سنوات ما لم يحصله نظراؤه من الأطفال في ضعف هذه المدة، وبعد أن استوى عوده، ونال من الثقافة الإسلامية حظا طيبا. ألحقه أبوه في المدرسة الحكومية وكانت سنه لا تزيد عن إحدى عشرة سنة، فأجري له اختبار للقبول، ونجح إلى الصف الثامن، واستمر في المدرسة إلى نهاية المرحلة الثانوية.
وحدث أن أصيب والده بمرض أقعده عن العمل فانقطع إلى ملازمته وخدمته، والعناية به، ولم يلبث أن توفي أبوه ولم يتجاوز السادسة عشرة فكان عليه أن يعتمد بعد الله على نفسه، فعمل في الصحافة، وهو بعد فتى غض الإهاب، واستمر في طلب العلم والمطالعة بعيدا عن الأسلوب التقليدي الذي يسير عليه طلبة العلم في زمنه، حيث كانوا ينصرفون إلى كتب المتون والشروح والتقريرات والمنظومات الفقهية واللغوية: